جواز الاستخدام .. من كلام شيخ الإسلام ( عن الجن )!

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ..


في مجموع الفتاوى ج13/ص89 يقول شيخ الإسلام ابن تيمية :


[[ قد قال تعالى عن قول الجن : { منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قدداً وقالوا وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون فمن أسلم فأولئك تحروا رشداً وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطباً } .

ففيهم الكفار والفساق والعصاة وفيهم من فيه عبادة ودين بنوع من قلة العلم كما فى الإنس وكل نوع من الجن يميل الى نظيره من الإنس فاليهود مع اليهود والنصارى مع النصارى والمسلمون مع المسلمين والفساق مع الفساق وأهل الجهل والبدع مع أهل الجهل والبدع ، واستخدام الانس لهم مثل استخدام الانس للانس بشىء .

منهم من يستخدمهم فى المحرمات من الفواحش والظلم والشرك والقول على الله بلا علم وقد يظنون ذلك من كرامات الصالحين وانما هو من أفعال الشياطين

ومنهم من يستخدمهم فى أمور مباحة إما احضار ماله أو دلالة على مكان فيه مال ليس له مالك معصوم أو دفع من يؤذيه ونحو ذلك فهذا كاستعانة الانس بعضهم ببعض فى ذلك .

والنوع الثالث أن يستعملهم فى طاعة الله ورسوله كما يستعمل الإنس فى مثل ذلك فيأمرهم بما أمر الله به ورسوله وينهاهم عما نهاهم الله عنه ورسوله كما يأمر الانس وينهاهم وهذه حال نبينا صلى الله عليه وسلم وحال من اتبعه واقتدى به من أمته وهم أفضل الخلق فإنهم يأمرون الانس والجن بما أمرهم الله به ورسوله وينهون الانس والجن عما نهاهم الله عنه ورسوله .. ]] اهــ .



قواعد من النص السابق :


القاعدة الأولى :


أن فى الجن كفرة وفساق وعصاة وفيهم من فيه عبادة على قلة علم كما عند الإنس فليس هناك مزايدة وأكرمكم عند الله أتقاكم .



القاعدة الثانية :


كا نوع من الجن يميل إل نظيره من الإنس والمرء على دين خليله ، فالكافر يميل للكافر والفاسق يميل للفاسق والمسلم يميل للمسلم والمومن يميل للمؤمن ، فلو نظرت إلى المستعين وحاله عرفت حال من معه من الجن !! لذا بنى العلماء حكم الذهاب للمستعين على حال المستعين ومدى استقامته على دين الله تعالى .



القاعدة الثالثة :

وهى مربط الفرس وبين الداء " واستخدام الانس لهم مثل استخدام الانس للانس بشىء " فلم يأت شيخ افسلام بكاف التشبيه ( كــ ) أن أتى بالمثلية ( مثل ) دلالة على عدم التفريق والمطابقة من حيث الاستعانة والاستخدام ولم يجد من قال بالفرق بين استخدام الإنس للإنس وبين استحدام الإنس للجن دليلاً على التفريق سوى عواطف وتخرصات وظنون رد عليها أهل العلم وسنبسطها فى حينها !


القاعدة الرابعة :


يستخدم الإنس الجن على طرق وقد بينا أنه نفسه استخدام الإنس للإنس :

1 ) الإستخدام المحرم :

وهو فى الشرك والظلم والقتل والسرقة والمرض والتفريق وإيذاء الناس ، وهذا هو حال السحرة والمشعوذين والدجالين وهذا لاخلاف فى حرمته ومحاربة أهله والتشنيع بهم بل هو من الواجب الذى من تركه كان آثماً .


2 ) الاستخدام المباح :

من إحضار مالٍ أو الدلالة عليه أو دفع مايؤذ المسلم ويدخل فيه كل مباحٍ أباحه الشرع وقد يصل لدرجة الواجب إذا كان فى يد المستخدم مايدفع به الظلم عن مسلم أو أن يحفظ عرضه وماله ودمه .

وختم شيخ الإسلام كلامه بقوله " فهذا كاستعانة الانس بعضهم ببعض فى ذلك " مما يشعرنا بإباحة شيخ الإسلام لذلك .


3 ) الاستخدام المستحب :


هو أن يستعملهم فى طاعة الله ورسوله ويأمرهم وينهاهم بذلك كحال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ومن اتبع أثره من العلماء والصالحين وهؤلاء أفضل الخلق ، والأفضلية لاتدل على حرمة المباح .

ثم يقول شيخ الإسلام :

(( .... والذين يستخدمون الجن فى المباحات يشبه استخدام سليمان لكن أعطى ملكا لا ينبغى لأحد بعده وسخرت له الانس والجن وهذا لم يحصل لغيره )) اهــ .

فاستشكل على البعض تشبيه من استخدم الجن فى المباحات بسليمان عليه لسلام فقال ( هو يقصد سليمان عليه السلام ) وهذا خلاف ظاهر كلام شيخ الإسلام والإجابة من وجوه :

* قال ( الذين ) ولم يقل ( الذى ) !!

* شبه استخدام هذا بذاك بقوله ( يشبه ) ولم يقل ( مثل ) .

* وجه الشبه أن سليمان عليه السلام كان يأمرهم بعمل أشياء مباحة كالبناء والغوص وإحضار الأشياء ونقلها وهذه من المباحات والدليل أنه لم يذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه لم يستخدمهم إلا فى الدعوة وهى الأكمل ولكنها ليست هى المشروعة فقط كما تقدم .

* مايعزز قولينا السابقين استدراكه بـ ( لكن ) أى ان المستخدمين يتحدون فى الاستخدام المباح مع سليمان عليه السلام ولكنهم يختلفون عنه فى التصرف الملكى الذى وهبه الله له والتسخير القهرى بحكم ملكه ونبوته فيبقى استخدامه لهم بدون مقابل على خلاف من استخدمهم فى أمور مباحة فقد يكون هناك مقابل بينها شيخ الإسلام نفسه فى موقع آخر حين قال :

(( .. فأولياء الله المتبعون لمحمد ،إنما يستخدمون الجن كما يستخدمون الإنس فى عبادة الله وطاعته كما كان محمد صلى الله عليه وسلم يستعمل الإنس والجن لافى غرض له غير ذلك ، ومن الناس من يستخدم من يستخدمه من الإنس فى أمور مباحة ، كذلك فيهم من يستخدم الجن فى أمور مباحة ، لكن هؤلاء لايخدمهم الإنس والجن إلا بعوض ، مثل أن يخدموهم كما يخدمونهم ، أو يعينوهم على بعض مقاصدهم ، وإلا فليس أحد من الإنس والجن يفعل شيئاً إلا لغرض ، والإنس والجن إذا خدموا الرجل الصالح فى أغراضه المباحة ، فإما يكونوا مخلصين يطلبون الأجرمن الله ، وإلا طلبوه منه : إما دعاؤه لهم ، وإما نفعه لهم بجاهه أو غير ذلك …. وليس أحد من الناس تطيعه الجن طاعة مطلقة كما كانت تطيع سليمان بتسخير من الله وأمر منه من غير معاوضة ]] اهــ . النبوات صفحة ( 397 ومابعدها ) .



نلتقى بإذن الله تعالى مع نص آخر وشرح آخر لكلام شيخ الإسلام قريباً إن شاء الله تعالى والله أعلم